الأربعاء، 28 سبتمبر 2011

انهم يحلمون

هل لاحضت صديقي أنه و عندما تتكلم مع نهضاوي فكأنك تخاطب تحريريا " من حزب التحرير" ؟ لا يوجد فرق بين الاثنين و لن تستطيع في الأصل فهم الفرق ، فالقاعدة الشعبية للاثنين مشتركة تقريبا مع اختلاف بسيط و هو أن التحريري يتبنى فكرة المواجهة رافعا كلمة أخذ السلطة و اقامة الخلافة مباشرة فيما يقول النهضاوي أنه يعتمد الديمقراطية من أجل اقامة الدولة الاسلامية و الوصول بعد فترة زمنية كافية الى الخلافة ( و هو ما قاله غنوشو) و مريدوه كالذي أنزل هذا التعليق المضحك لفرط ما فيه من غباء.
ان ما يجمع بين التيارين أكثر مما يفرق بينهما فكلاهما يكلمك عن "الخلفية الاسلامية للحكم " ، و كلاهما يستبدل مصطلحات مثل ديمقراطية بـ"شورى" ، و مجلس النواب بـ"مجلس الشورى" و يجتمعان في الأهداف العامة و هي اقامة الخلافة الصحراوية الكبرى و لكن و مع كل هذا يأتي الأهم و هو أن كليهما يتفقان في المبدأ الأساسي و هي " الحاكمية" .

و لمن لا يعرف "الحاكمية" ، فهي فكرة تعود للخوارج و تقول أن "الحاكم هو الله" و أن من يحكم البشر ليس البشر بل الله و قد أعاد المودودي و سيد قطب احياء نفس الفكرة لترفعها أحزابنا الاسلاموية في القرن 21 و لكن مع تحوير أو لنقل تحريف بسيط و هو رفعهم معها لشعار الدولة المدنية .

في الأصل أن الدولة المدنية تتعارض تماما مع مبدأ الحاكمية ، فالدولة المدنية تفترض أن من يشرع القوانين هم المواطنون في حين أن "الحاكمية" تستند الى أن التشريع لله ، و ما يحاول النهضويون تجميله بالقول " حزب مدني ذو مرجعية اسلامية" .

اذا سألناهم اذا كان الله لن ينزل ليحكم فمن سيحكم على الأرض ؟ سيقولون لك من سينفذ أوامره ، و اذا سألتهم و من سينفذ أوامره ؟ سيقولون لك الأحزاب الاسلامية ، و اذا سألتهم و من أين ستستمد الأحزاب الاسلامية هذه الأحكام الالاهية ؟ سيقولون لك من القرآن و السنة ، و اذا سألتهم و من سيفسر القرآن و السنة و يستمد منها الأحكام ؟ سيقولون لك الفقهاء و المشائخ ، و بالتالي يصبح الفقهاء و المشائخ هم من يترجم ارادة الاهية على الأرض بفهمهم الانساني الخاص .

اذا في النتيجة فأنت أمام شخص يقول لك أنه سيحكمك من خلال ما يراه هو حكما الاهيا ، و بالتالي فهذا الانسان ظل الله و مشيئته على الأرض و هو ما يسمى "الكهنوت"و ان كانت هذه السلطة موجودة كمؤسسة كنسية قائمة في الغرب و يمثلها كهنة تحت سقف الكنيسة فهي عندنا مجموعة من المشائخ و الفقهاء ينقصهم فقط سقف مثل "البرلمان" حتى يحققوا نفس النتيجة ، و هكذا يا أخوان و كما قال الرومان "جميع الطرق تؤدي الى روما" ، فان كل الأحزاب الدينية تؤدي الى "الدولة الثيوقراطية الدكتاتورية"و ان اختلفت أسماؤهم و أقنعتهم .
و الأخوة النهضويون و التحريريون و غيرهم من أتباع "حلم الخلافة" يجتمعون في شيئ مهم و هو تصورهم بزوال جميع المشاكل حال الوصول الى تلك النقطة ، و هذا التصور نابع من جهلهم بالتاريخ الاسلامي و ألذي يتصورون فيه أن التوسع الجغرافي للمسلمين كان مرادفا أو يعني التألق و الازدهار ، و هم في الأصل لا زالوا يحلمون بعودة صلاح الدين و احتلال دول الغرب الكافر و دحر أمريكا و جعل الأمريكيين يدفعون الجزية و غيرها من التصورات ألتي تتراءى لهم كلما سمعوا خطيبا يقول لهم "الاسلام سينتصر قريبا" .
انهم يعيشون في عقلية السيف و الحصان و الحروب الصليبية و أهل الذمة و الغزو و غيره من العقلية ألتي عفا عليها الزمن ، و سيضلون يحلمون و مشائخهم يزينون لهم أحلامهم.

SNAG-0007