"هو نور قذفه الله في صدري"
بهذه الكلمات انتهى الغزالي في كتابه "المنقذ من الظلال" الى حقيقة الايمان بعد أن استعرض فيه مذاهب الفلاسفة في عصره زارعا الشك في عقول القارئين له.
قام الفيلسوف وليام جيمس بتأليف كتاب في بدايات القرن 19 بعنوان "ارادة الاعتقاد" و قد أراد في هذا الكتاب أن يؤسس لفكرة التدين في مجتمع علمي ، و انتهى فيه الى القول أنه لا يمكن الجزم بوجود الالاه من عدمه انطلاقا من البينات العلمية و العقلية و بالتالي فلكل شخص الحق في أن يتخذ موقفا من هذه المسألة بما يتناسب مع عواطفه و مشاعره الخاصة .
لن نخوض في الحديث هنا حول الايمان من عدمه لأن ذلك و كما قمنا بتبيينه راجع الى قرار فردي للشخص ، لكن ما يهمنا هو ظاهرة التدين عندما تخرج من دائرة ماهو فردي لتصبح قوانين واجبة تُفرض على جميع أفراد المجتمع ، و هنا يحق لنا التساؤل :
هل التدين في هذه الحالة هو مسألة روحانية ايجابية ، أم موروثات و طقوس و ممارسات رجعية مدمرة ؟
طبعا الى نظرنا مليا الى حال مجتمعات العربان فسنجد أن التدين انتقل من دائرة الشخصي و الروحاني الى مرحلة الممارسات الطقوسية فأصبحت بعض الملابس تُقدم على أنها ثوابت و فروض دينية و أصبحنا نسمع عن تكفير للمفكرين و العلماء و منع للكتب و للنظريات العلمية و دعوة للحرب و الاقتتال و سفك الدماء انطلاقا من موروثات و أفكار يتم تقديمها على أنها مقدسات و ثوابت ايمانية.
ان الدعوات المهللة و المكبرة و القائلة أن هناك "حرب على الاسلام" هي في الأخير من أسس البروباغاندا الهادفة أساسا الى أدلجة المجتمع انطلاقا من فكرة أنه "مُهدد" و بالتالي هو في حال دفاع عن النفس ضد قوى يتم تقديمها على أنها الشيوعية تارة فالليبرالية تارة أخرى فأمريكا فالغرب فالكفار فالملحدون فالكتب و المفكرون و الفنانون و العلم و كل مرة يتغير هذا العدو حسب ما يراه المشائخ و "علماء الدين" مهددا لسيطرتهم على الأفراد و بالتالي يصير هؤلاء هم القادة للمجتمع المُهدد .
ان لبس المرأة للنقاب و جلوسها في البيت و اقتصار حياتها على خدمة بعلها لن يضر المجتمع و لا يهمه أصلا و لهذا تراه مسموحا به في دول الغرب ، لكن المضر هو عندما يتطور لبس النقاب و تحريم العمل و قيادة السيارة من اختيار فردي الى بروباغاندا تجعل من هذه الأمور جزءا أساسيا من التدين و الاسلام
ان اطالة اللحية و اللباس الأفغاني لا يهم المجتمع اذا كان اختيارا فرديا لكنه يصبح تهديدا له اذا أصبحت اللحية و الدعوة الى الجهاد و قتل الكفار و المفكرين و العلماء جزءا من ثقافة التدين وأحد أسس الايمان بالله و الاسلام.
ان قطع السلفيين لأيدي بعضهم البعض شيئ محبوب بالنسبة لي ان أرادوا تطبيقه فليس عندي مشكل في أن يطبقوا الشريعة على بعضهم فيقطعواأيديهم و يجلدوا بعضهم و يقتلوا بعضهم ان شاؤوا ، لكن الخطر عندما تتحول هذه الأعمال الى قوانين يُجبر الشعب على تطبيقها حتى يثبت ايمانه لهؤلاء أو هم سيعلنون عليه الحرب من منطلق أنه "مجتمع جاهلي كافر".
ان التهديد في الأصل يأتي من داخل مجتمعاتنا نفسها ، و هذا التهديد قائم على ثقافة تقديس الآراء الفردية ، و لن يمكن التخلص من ذلك الا بتحييد الدولة بمؤسساتها عن الآراء الفردية الدينية و هو ما يدعى بالعلمانية و تطبيق القانون على من يجبر الناس و ينتهك حرياتهم انطلاقا من آرائه الشخصية ألتي يجعلها "مقدسة" .
الاثنين، 21 مايو 2012
الاسلام في خطر ؟ أم طريقة تدينهم هي الخطر ؟
الاشتراك في:
التعليقات (Atom)