الأحد، 30 أكتوبر 2011

ثقافة القطيع

في الستينات : نحن أكبر قوة في الشرق الأوسط

في الوقت الحاضر : الاسلام سوف ينتصر على الغرب

هل وجدت التشابه بين هذا و ذاك ؟ انه الكلام الكبير و التفخيم ففي الستينات كان الحديث حول القوة العسكرية أمام اسرائيل و حلفائها أمريكا و بريطانيا و اليوم نتحدث عن القوة العددية أمام الغرب بصفة عامة ، أي أننا انتقلنا من الحرب مع قوى عالمية الى الحرب مع العالم و من صراع عسكري الى صراع ديني .

المهم في كل ذلك هو انتشار هذه الثقافة ، فاليوم يكلمك الجميع عن عودة الاسلام ( و كأنه كان مختفيا ) ، و في الحقيقة أن المقصود مخالف تماما لهذا الشعار فالمقصود هنا شيئان ظهور تيار الاسلام السياسي في دولنا و انتشار المد الوهابي بقوة البترودولار ، أما العجيب في الأمر فهو أن هذا الكلام و التفخيم لهذه القوة الاسلامية العاتية أصبح جزءا من ثقافتنا بعد أن كان المصطلح المستعمل في الفترة السابقة القومية “العروبة” ، فاليوم تنتشر شعارات “الاسلام هو الحل” و “الدولة الاسلامية” وغيرها من العبارات ألتي تلصق الاسلام في كل عبارة ، حتى يضن الانسان أن الاسلام قد تم اكتشافه اليوم على يد حزب الاخوان و الفضائيات الوهابية .
ان استعمال هذه العبارات يؤسس لثقافة القطيع فالجميع يصبح متكلما بنفس الطريقة و حاملا لنفس الشعارات و ألتي تؤسس لمرحلة جديدة من الدكتاتورية فاذا كان الخروج عن خطاب العروبة سابقا يجعل الشخص متهما بـ”العميل” فالخروج عن خطاب “الأمة الاسلامية” اليوم يجعلك كافرا .

اذا قمنا بتحليل بسيط لخطاب النهضة أو “اخوان تونس” و غيرها من الأحزاب الاسلامية اليوم فستجد خطابا مشتركا و هو “المسلمون هم الأغلبية” ، و هو في حد ذاته تأصيل لثقافة القطيع فكلمة مسلمون هنا لا تعني مخزونا فكريا بل تعني مرجعية دينية أو كما عدديا لا أكثر لكن استعماله بهذه الطريقة يجعلك تتخيل أن المسلم هو من يتبع هذا التيار و يتبنى خطابه و بالتالي يتم تنحية صفة مسلم عن المخالف فكريا لهذا التيار و النتيجة الطبيعية أن يصبح الشخص يقيس صحة رأيه أو فكرته مقارنة برأي هذه المجموعة و هنا يتم تهميش رأي الفرد مقابل رأي المجموعة لنخلق قطيعا يعيد نفس الكلام و يتبنى نفس الأفكار .


ان الغرب و قبل الوصول الى مفهوم الديمقراطية و التعددية قد أسس لفلسفة الانسان و الفرد ، أما نحن فنؤسس لثقافة القطيع مهمشين رأي الفرد على حساب المجموعة أو “القطيع” .

السبت، 1 أكتوبر 2011

المتأسلم الديمقراطي

المتأسلم يرى كل شيئ من وجهة نظره الخاصة فأنظر معي :
- هو يسمي الاستعمار الاسلامي في التاريخ "فتح" ، رغم أن العديد من الكتي تصف أهوالا مما حصل و على سبيل المثال قصة قتل خالد بن الوليد لـ 70 ألف من المسيحيين عند غزو العراق فهل يبعد خالد بن الوليد بمقياس عالمنا الآن من جورج بوش ؟
- هو يسمي نشر الاسلام في البلدان الغربية العلمانية " دعوة و هداية" ، لكنه يرفض أن يفعل الآخر نفس الشيئ على أرضه بدعوى أنه " غزو فكري لأرض المسلمين" .
- هو يفرح و يهلل و يكبر عندما يسمع بمسيحي أو غيره تحول من دينه الى الاسلام و يسمي ذلك "نصرا للاسلام" ، لكنه يسمي من يتحول عن الاسلام لاعتناق ديانة أخرى "مرتد" ، و بالتالي وجد تطبيق "حد الردة" عليه .
- هو يستمتع بالعيش في ظل الدول الغربية العلمانية و يكفرها على أرضها كما شاء و ذلك بالنسبة له حرية شخصية ، لكنه لا يسمح لمواطني دولته نفسهم بممراسة حرياتهم الفكرية و ان كانوا مسلمين مثله لكن يختلفون معه في أفكاره و هو يدعوهم بـ "العمالة للغرب و نشر الأفكار ألتي تهدم أسس الأمة الاسلامية " .
- هو يحلم بالعيش في الدول الغربية العلمانية لكنه لا يريد العيش في الصومال و السودان و أفغانستان و حتى السعودية لأنها لا توفر له الحرية ألتي يجدها في الدولة الغربية ، لكنه و مع هذا يكفر الدولة الغربية و يريد اقامة الدولة الاسلامية .
- هو يدعو المحجبة و المنقبة برمز المرأة المسلمة العفيفة و يعتبر ذلك حرية شخصية لها في اللباس و يطالبك بأن لا تنتقد ذلك ، لكنه يصف من لا تلبسه و تكون متحررة في لباسها بالعاهرة و الكافرة و غيرها من النعوت .
- هو يقول لك أن تطبيق الاسلام على المستوى السياسي و اقامة الدولة الاسلامية الوهابية سيجلب العدل و الرخاء للجميع ، لكنه لا يعتبر حتى الدولة السعودية الوهابية نموذجا لدولته ، بل النموذج المثالي له هي تركيا العلمانية .
- هو يقول لك أنه مسلم معتدل لكنه لا يرضى أن تصف مشائخه الراديكاليين بالمتعصبين و يعتبرهم " علماء" و أنهم فقط يخطؤون بعض المرات لكنهم غالبا على صواب ، و هو يرفض أن تصف القاعدة بالتنظيم الارهابي ، كما يصف بن لادن بشيخ المجاهدين و أنه فقط "أخطأ السبيل" .
- في الأخير هو يعتبر أن أفكار العالم الغربي و فلسفته ألتي قام عليها قديما و حديثا من شيوعية و ليبرالية و علمانية و غيرها كفر و أن تطبيقها نوع من العمالة للغرب ، لكنه يقبل أن يطبق الديمقراطية الغربية و ينتخب مجلس نواب و أن يدعوأيضا الى نظام برلماني و هي كلها منتجات غربية أو تاريخية تعود للعصر الاغريقي و لم يقدم المنتج الاسلام الا " الخليفة و الملك" .
الآن هذا الشخص يقول لك أنه ديمقراطي و أن الدولة ألتي سيقوم ببنائها هي دولة الحريات و العدل فهل تصدقه ؟