الثلاثاء، 1 نوفمبر 2011

ماذا تريد النهضة ؟

بعد تولي النهضة للسلطة ، ماذا نستطيع أن نقول حول ذلك في المستقبل ؟
أولا و أعيدها ، الخطر من النهضة ليس سياسيا ، لأنه و على المستوى السياسي سنجد أولا أن النهضة و رغم تحصل على 40 % من المقاعد في التأسيسي الا أن منتخبيها هم فقط مليون و نصف تونسي تقريبا ، و اذا كان هؤلاء قد انتخبوها على أساس استقطاب ديني فاليوم و بما أنها في الحكومة فأمامها استحقاقات أهم و هي التشغيل و الاقتصاد و غيرها من المسائل الحيوية و ألتي تعلم النهضة أن من غير الممكن تحقيقها بدون توفير حد أدنى من احترام قيم حقوق الانسان و المواثيق الدولية و هو على الأقل من أجل طمأنة المجتمع الدولي و القوى العضمى ، فاذا كانت ايران و السعودية و قطر تعتمد أساس على النفط و عائداته فتونس لا تملك نفطا و لا موارد طبيعية و يعتمد اقتصادها على العنصر البشري و الشريك الأوروبي ألذي تعرف النهضة أهميته عندما تقول “ نريد أن تكون تونس شريكا مميزا للاتحاد الأوروبي” ، و اذا رأينا الساحة السياسية اليوم فلا يجب أن ننظر فقط الى الحكومة بل هناك منضمات حقوقية و هناك قوى أخرى مثل الاتحاد العام التونسي للشغل و ألذي أرادت النهضة مؤخرا استقطابه من خلال اعطائه مناصب حكومية و لكنه رفض الدخول فيها و التزم الحياد كما توجد معارضة قوية تستطيع الوقوف في وجد النهضة ، أما على مستوى النخبة الفكرية سنجد أنها و في معضمها تقف في مواجهتها ، لذلك فالمتصور أن النهضة تحكم لوحدها هو في الأصل واهم .

الآن يبقى الخطر الحقيقي ، و هو عمل النهضة القاعدي ، فاذا كانت النهضة تعرف تماما استحالة تمرير مشروعها الاخواني على المستوى السياسي فيبقى العمل الاجتماعي الوحيد ألذي يمكن أن تتحرك فيه ، و الهدف منه هو “أسلمة المجتمع” قبل القيام بتمرير مشروع سياسي ، فاذا نظرنا الى النموذج الايراني و السعودي و غيره ، سنجد أن المشروع السياسي كان واضحا منذ البداية و ان كان مقنعا فرغم أن الخميني قال من فرنسا أن “الملاولة لا يريدون الحكم” لما كان في فرنسا الا أن التغيير في خطابه بعد عودته و انفراده بالسلطة في فترة التأسيس كما أن القاعدة الشعبية كانت المطالبة و المؤيدة له سمح له باقامة النظام السياسي ألذي يريده ، أما السعودية فهي بطبعها مجتمع قبلي يحدد فيه شيخ القبيلة و الملك الطابع السياسي للدولة ، و لذلك فالوصول الى هذه النماذج لا يمكن الوصول اليه في تونس الا بعد “أسلمة المجتمع “ و بالتالي يكون المجتمع المحرك لهذا التغيير على المستوى السياسي و هو ما يقصده الجبالي و قادة النهضة عند القول “ سنطبق الشريعة عندما يطالب الشعب بذلك” ، و النهضة تعلم أن محاولة الاستقواء و فرض سياسة معينة سيؤدي في الأخير الى مواجهة و حرب أهلية و عودة للتجربة الجزائرية و هو بمثابة الانتحار السياسي لها .

ان الوقوف أمام مشروع النهضة موكول بالدرجة الأولى الى المجتمع المدني من خلال استعمال القانون و القضاء كسلاح ضد كل من تسول له نفسه الخروج عنه و الحد من الحريات الفردية و علينا الالتفاف حول هذه النخبة المثقفة و الانخراط في العمل السياسي عن طريق الانخراط في أحزاب المعارضة و العمل الجمعياتي و الحقوقي من أجل الوقوف أمام هذا المشروع المجتمعي أساسا و ألذي تريد النهضة من خلاله تغيير التونسي أساسا قبل تغيير سياسة الدولة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق