بعد تولي النهضة للسلطة ، ماذا نستطيع أن نقول حول ذلك في المستقبل ؟
أولا و أعيدها ، الخطر من النهضة ليس سياسيا ، لأنه و على المستوى السياسي سنجد
أولا أن النهضة و رغم تحصل على 40 % من المقاعد في التأسيسي الا أن منتخبيها هم فقط
مليون و نصف تونسي تقريبا ، و اذا كان هؤلاء قد انتخبوها على أساس استقطاب ديني
فاليوم و بما أنها في الحكومة فأمامها استحقاقات أهم و هي التشغيل و الاقتصاد و
غيرها من المسائل الحيوية و ألتي تعلم النهضة أن من غير الممكن تحقيقها بدون توفير
حد أدنى من احترام قيم حقوق الانسان و المواثيق الدولية و هو على الأقل من أجل
طمأنة المجتمع الدولي و القوى العضمى ، فاذا كانت ايران و السعودية و قطر تعتمد
أساس على النفط و عائداته فتونس لا تملك نفطا و لا موارد طبيعية و يعتمد اقتصادها
على العنصر البشري و الشريك الأوروبي ألذي تعرف النهضة أهميته عندما تقول “ نريد أن
تكون تونس شريكا مميزا للاتحاد الأوروبي” ، و اذا رأينا الساحة السياسية اليوم فلا
يجب أن ننظر فقط الى الحكومة بل هناك منضمات حقوقية و هناك قوى أخرى مثل الاتحاد
العام التونسي للشغل و ألذي أرادت النهضة مؤخرا استقطابه من خلال اعطائه مناصب
حكومية و لكنه رفض الدخول فيها و التزم الحياد كما توجد معارضة قوية تستطيع الوقوف
في وجد النهضة ، أما على مستوى النخبة الفكرية سنجد أنها و في معضمها تقف في
مواجهتها ، لذلك فالمتصور أن النهضة تحكم لوحدها هو في الأصل واهم .
الآن يبقى الخطر الحقيقي ، و هو عمل النهضة القاعدي ، فاذا كانت النهضة تعرف
تماما استحالة تمرير مشروعها الاخواني على المستوى السياسي فيبقى العمل الاجتماعي
الوحيد ألذي يمكن أن تتحرك فيه ، و الهدف منه هو “أسلمة المجتمع” قبل القيام بتمرير
مشروع سياسي ، فاذا نظرنا الى النموذج الايراني و السعودي و غيره ، سنجد أن المشروع
السياسي كان واضحا منذ البداية و ان كان مقنعا فرغم أن الخميني قال من فرنسا أن
“الملاولة لا يريدون الحكم” لما كان في فرنسا الا أن التغيير في خطابه بعد عودته و
انفراده بالسلطة في فترة التأسيس كما أن القاعدة الشعبية كانت المطالبة و المؤيدة
له سمح له باقامة النظام السياسي ألذي يريده ، أما السعودية فهي بطبعها مجتمع قبلي
يحدد فيه شيخ القبيلة و الملك الطابع السياسي للدولة ، و لذلك فالوصول الى هذه
النماذج لا يمكن الوصول اليه في تونس الا بعد “أسلمة المجتمع “ و بالتالي يكون
المجتمع المحرك لهذا التغيير على المستوى السياسي و هو ما يقصده الجبالي و قادة
النهضة عند القول “ سنطبق الشريعة عندما يطالب الشعب بذلك” ، و النهضة تعلم أن
محاولة الاستقواء و فرض سياسة معينة سيؤدي في الأخير الى مواجهة و حرب أهلية و عودة
للتجربة الجزائرية و هو بمثابة الانتحار السياسي لها .
ان الوقوف أمام مشروع النهضة موكول بالدرجة الأولى الى المجتمع المدني من خلال
استعمال القانون و القضاء كسلاح ضد كل من تسول له نفسه الخروج عنه و الحد من
الحريات الفردية و علينا الالتفاف حول هذه النخبة المثقفة و الانخراط في
العمل السياسي عن طريق الانخراط في أحزاب المعارضة و العمل الجمعياتي و الحقوقي من
أجل الوقوف أمام هذا المشروع المجتمعي أساسا و ألذي تريد النهضة من خلاله
تغيير التونسي أساسا قبل تغيير سياسة الدولة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق