في اطار دفاعهم عن دولتهم الاسلامية الوهمية يحاول ملتحونا ايجاد ما يرونه خللا في نماذج دولنا المعاصرة ، و من أبرز حججهم التعلل بانتشار الفساد و الانحلال الأخلاقي موهمين السامع أن ذلك نتيجة “لاستيراد” النموذج الغربي و محاكاته ، و من أبرز شطحاتهم و تعلاتهم موضوع الشذوذ و ألذي يتعللون بأنه وافد على دولنا التقية من دول الكفر الغربية محاولة منها سلب هويتنا و عروبتنا و طهارتنا ، و عندما تسمع ذلك ترسم صورة في خيالك لدولة اسلامية غابرة لا يعيش فيها سوى الطاهرون و الملائكة ، و بمناسبة استعادتنا للخلافة على يد أمير المؤمنين حمادي الجبالي وجب علينا سرد بعض ما جاء في كتب التاريخ حول بعض الخلفاء ، فلعله يتأسى بهم و يحذو حذوهم في عصره.
جاء في كتاب تاريخ الخلفاء للسيوطي أن الخليفة الواثق كان وافر الأدب مليح الشعر وكان يحب خادماً أهدي له من مصر ومن شعر الواثق في خادمه:
مهج يملك المهج ... بسجي اللحظ والدعج
حسن القدر مخطف ... ذو دلال وذو غنج
ليس للعين إن بدا ... عنه باللحظ منعرج
ومن أخبار الواثق أسند الصولي عن جعفر بن الرشيد قال كنا بين يدي الواثق وقد اصطبح فناوله خادمه مهج ورداً ونرجساً فأنشد في ذلك بعد يوم لنفسه:
حياك بالنرجس والورد ... معتدل القامة والقد
فألهبت عيناه نار الهوى ... وزاد في اللوعة والوجد
أملت بالملك له قربه ... فصار ملكي سبب البعد
ورنحته سكرات الهوى ... فمال بالوصل إلى الصد
إن سئل البذل ثنى عطفه ... وأسبل الدمع على الخد
غر بما تجنيه ألحاظه ... لا يعرف الإنجاز للوعد
مولى تشكى الظلم من عبده ... فأنصفوا المولى من العبد
و قد فقد الواثق يوما عقله فأغضب غلامه “مهج” فتعطلت مصالح الدولة و خشي كبار الدولة الدخول عليه في حاله تلك خوفا منه على أنفسهم ، ثم إنه سمع غلامه يقول لبعض الخدم “والله إنه ليروم أن أكلمه من أمس فما أفعل” فقال الواثق:
يا ذا الذي بعذابي ظل مفتخراً ... ما أنت إلا مليك جار إذ قدرا
لولا الهوى لتجارينا على قدر ... وإن أفق منه يوماً ما فسوف ترى
كما يضيف السيوطي :
حدثني عبد الله بن المعتز قال أنشدني بعض أهلنا للواثق وكان يهوى خادمين لهذا يوم يخدمه فيه ولهذا يوم يخدمه فيه:
قلبي قسيم بين نفسين ... فمن رأى روحاً بجسمين
يغضب ذا إن جاد ذا بالرضا ... فالقلب مشغول بشجوين
و لنترك الواثق جانبا ، و نذهب الى عهد الأمين ( ابن هارون الرشيد ) و هو ألذي كان يسمى “ امام المؤمنين” و يروي السيوطي عن ابن جرير “لما ملك الأمين ابتاع الخصيان وغالى بهم وصيرهم لخلوته ورفض النساء والجواري” ، و اذا كان الواثق مغرما بـ”مهج” فان الأمين كان غرامه خادمه “كوثر” و يروى أن “كوثر” خرج ليرى الحرب (و هي ألتي قام بها المأمون لينزع عنه الخلافة ) فأصابته رجمة في وجهه فجعل الأمين يمسح الدم عن وجهه ثم قال:
ضربوا قرة عيني ... ومن آجلي ضربوه
أخذ الله لقلبي ... من أناس أحرقوه
و قال الصولي: ومما رواه جماعة للأمين في خادمه كوثر وقد سقاه وهو على بساط نرجس والبدر قد طلع :
وصف البدر حسن وجهك حتى ... خلت أني أراه لست أراكا
وإذا ما تنفس النرجس الغ ... ض توهمته نسيم ثناكا
خدع للمنى تعللني في ... ك بإشراق ذا ونكهة ذاكا
لأقيمن ما حييت على الشك ... ر لهذا وذاك إذ حكياكا
وله في خادمه أيضاً:
ما يريد الناس من ص ... ب بمن يهوى كثيب
كوثر ديني ودنيا ... ي وسقمي وطبيبي
أعجز الناس الذي يلح ... ى محباً في حبيب
و مواصلة لحديثنا عن الخلافة في عهد خليفتنا الجديد و تأسيا بما كان في عصور سابقة فأنا من موقعي أقترح اعادة الاعتبار الى فنون العرب فيما يخص تسمية الغلمان و ألذين كانوا يسمون بـ” فاتن و رائق و نسيم و وصيف و ريحان و جميلة ( هكذا بالتأنيث) و بشرى و هي أسماء تجدونها في كتاب أبي حيان التوحيدي “الامتاع و المؤانسة – ص 132 “ ، و غلمان النهضة كثر و الحمد لله .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق